الأربعاء، 8 يونيو 2011

رسام فرنسي ينعي قرية القرنة

نعى رسام الكاريكاتير الفرنسي المعروف جولوأو "جى نادود" القرية المصرية في مسلسل مصور جديد بعنوان "سجلات من المقابر العظمى". و"جولو" رسام كاريكاتير وكاتب سيناريو فرنسى يعيش فى مصر منذ أكثر من ثمانية عشر عاما. متعته الوحيدة هى نسج الروايات المغرقة فى الإنسانية لأبطال مصريين على غرار ما كان يكتبه البير قصيرى قبل وفاته. والمسلسل الجديد كتبه جولو مع شريكه "ديبو" يقع فى نحو 200 صفحة وهو كما يصفه صرخة مكتومة على ما آلت إليه قرية القرنة الموجودة بالقرب من الأقصر والتى كان للكاتب بيت بها شأنه فى ذلك شأن بيوت القرية التى بنيت إبان القرن الثامن عشر والتاسع عشر والتى ظلت تعيش فى هدوء حتى صباح أحد الأيام الذى جاءت فيه من القاهرة "بلد العذاب" مقطورة محملة "بقاذورات راس المال الوقح" كما يقول. وبحسب الرواية فإن هذا المال الذى رأى أن بيوت القرية ماهى إلا مخلفات عشوائية قذرة يجب إزالتها فورا لأنها تشوه المنظر الجمالى للمدينة !!! وما هى إلا لحظات حتى بدأ التدمير يطال كل شيء فيها وخاصة المنازل التى انتقل سكانها إلى مساكن أقرب إلى أقفاص الأرانب على بعد عدة كيلومترات من مدينتهم الأصلية التى رأى المسئولون أنها كانت خطرًا على المقابر الموجودة بها، وإن كانت الحقيقة أنها كانت لإفساح الطريق لبناء مشروعات كبيرة لصالح المستثمرين ووجهاء الفساد الذين كانت ترزح بهم القاهرة من قبل. القصة هى عبارة عن مزيج من الذكريات والأحداث اليومية حيث يظهر فيها تشكيلة كاملة من الوجوه المصرية الخالصة كتلك التى ظهرت فى روايات نجيب محفوظ وعلاء الأسوانى. يبرز جولو شكل السياح وكأنهم معلبات لا تعى ما يدور حولها بينما وقف التكنوقراط حزانى يشعرون بالمرارة لما يحدث بينما علماء الآثار يتزاحمون على أبواب المطاعم لتناول غدائهم!!!المسألة فى مجملها أشبه بعملية السعى التى يقوم بها الشباب الصغير للزواج بعجوز ثرية متصورا أنها الطريقة الوحيدة للخروج من نفق الفقر بينما الواقع يؤكد أنها الطريقة الوحيدة للخروج من نفق الحياة برمتها. كتب جولو هذه القصة المسلسلة إبان الظلم والجهل الذى كانت تموج به مصر قبيل ثورة يناير مؤكدا أن ما بها من أحداث هو أفضل طريقة لفهم الواقع المصرى الأليم الذى كانت تعيشه البلاد على مدار السنوات الماضية.