أصدر الرئيس المصري حسني مبارك امس قرارا جمهورياً بتعيين رئيس جامعة الازهر احمد الطيب (66 عاما)، الشيخ الثامن والاربعين في تاريخ مشيخة الازهر. ويأتي هذا القرار بخلاف التقليد المتبع منذ اكثر من ٢٠ عاما، حيث كان يقع الاختيار على من يشغل منصب مفتي الجمهورية وقت وفاة شيخ الازهر (وخلو المنصب)، لخلافته فى رئاسة المؤسسة «السنية» الاهم لدى المسلمين، كما حدث مع الراحل محمد سيد طنطاوي الذي كان مفتيا للديار المصرية قبل توليه منصب «الامام الاكبر» وشيخ الازهر في العام 1996، وقبله جاد الحق علي جاد الحق الذي كان مفتيا قبل تعيينه شيخا للازهر في العام 1982. وبهذا القرار الصادر عن مبارك، الذي نشرت له صور خلال قيامه بمكالمة هاتفية من مشفاه بالمانيا حيث يعالج منذ السادس من شهر آذار الحالى، يكون الجدل قد انتهى حول خلافة شيخ الازهر الراحل الذي وافته المنية فى السعودية يوم 10 آذار الحالي. وكان اقوى المرشحين لخلافته المفتي الحالي علي جمعة، لشغله المنصب الذي يؤدي، كما كان الحال طوال العقدين الماضيين، الى رئاسة مشيخة الازهر، اضافة الى تمتعه بشعبية جماهيرية يفتقدها شيخ الازهر الجديد، احمد الطيب. وقال الطيب «ان هذا الشرف الكبير» يلقي على عاتقه الكثير من المسؤوليات، سائلا الله ان يكون «عند حسن ظن الرئيس مبارك والشعب المصري والامة الاسلامية في القيام بواجبات هذا المنصب الرفيع اسلاميا وعربيا ودوليا». واوضح الطيب انه سيواصل جهوده من اجل «استمرار الدور الذي قام به فضيلة الامام الراحل الدكتور سيد طنطاوي ليستمر الازهر منارة للعلم والدين الاسلامي الوسطي المعتدل»، مشيرا الى ان الازهر «سيواصل نشر رسالته السمحة في كل انحاء العالم ليظل الازهر الشريف الوعاء الامين لدراسة شرعية الاسلام ولغة القرآن بالوسطية والاعتدال وبعيدا عن اي تعصب او عنصرية بلهاء». ولفت الطيب الى انه سيتوجه غدا الى جامعة الازهر للقاء نواب رئيس الجامعة واستقبال المهنئين والاساتذة والعاملين والطلاب على ان يتوجه الى مقر مشيخة الازهر يوم الاثنين المقبل بعد استكمال الاجراءات الخاصة بقرار تعيينه. ويرتبط اسم الطيب وهو رئيس جامعة الازهر في الذاكرة السياسية للمصريين باكبر قضية امنية يتعرض لها قادة جماعة «الاخوان المسلمين» خلال العقد الماضي، عندما اتهم طلاب «الاخوان» بجامعة الازهر بتحويلهم الجامعة الى «ساحة للاخوان»، واصفا الطلاب الملثمين بانهم «مثل حماس وحزب الله والحرس الثوري في ايران»، وقام بفصل بعضهم في العام 2006. آنذاك اعتقل الامن حوالي 180 طالبا اخوانياً بعد قيام بعضهم باستعراض رياضي بالجامعة اطلقت عليه صحف موالية للدولة «مليشيات الاخوان»، وتحول الامر الى حملة امنية على قيادات الجماعة اعتقل خلالها نائب المرشد العام لـ«الاخوان المسلمين» خيرت الشاطر واخرون من بينهم اساتذة في جامعة الازهر ورجال اعمال، احيلوا للقضاء العسكري الذي اصدر أحكاما قاسية عليهم في العام 2008. وعين الطيب مؤخراً عضواً في اللجنة العليا بالحزب الوطني الحاكم، وهي ارفع هيئة داخل الحزب في ما اعتبر دليلا على تقدير النظام له. وعمل خلال العامين 2002 و 2003 مفتيا للديار المصرية، وهو المنصب الذي لم يشأ الاستمرار فيه كثيراً. يقول الكاتب فهمي هويدي المعني بالشؤون الاسلامية لـ«السفير» ان قرار تعيين الطيب شيخاً للازهر ليس مفاجئاً. فهو «زاهد» فى المال، حسب وصفه، رغم «تجاوبه مع الحكومة والامن في موقفهما من الاخوان» اضافة الى «معاركه مع اساتذة الاخوان و طلبتهم بجامعة الازهر». يصفه هويدي بانه «شديد الحياء ويتحرج من الفتوى» وانه «كان سعيدا عندما ترك دار الافتاء حيث قال لي ان الله انقذه، فترك الكلام الحذر عن الحلال والحرام ودخل في دائرة الصواب والخطأ والاجتهاد، كرئيس لجامعة الازهر في العام 2008». الطيب، سليل عائلة متصوفة، من الأقصر في جنوب مصر، تخرج من كلية أصول الدين وحصل على الدكتوراه في العقيدة والفلسفة من جامعة الأزهر في العام 1977. ويترأس لجنة حوار الأديان في الأزهر وهو عضو في مجمع البحوث الإسلامية أعلى هيئة علماء في الأزهر، ويتحدث الفرنسية والانكليزية بطلاقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق